مختصر السيره النبويه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى أضاء الدنيا بنوره المبين وشرفنا بخاتم الأنبياء والمرسلين ، والصلاة والسلام على النبي الأمين والنور المبين ورحمة الله للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين .

يــــا أيهـا الأمــىّ قد علمتنـا وهديـت فينا أنفسا وعقولا
شــاء الإله لنا النجاة فخصنا بك هاديا ومعلما ورسولا

وبعد ؛ فإن من خير ما بذلت فيه الأوقات و شغلت به الساعات قراءة السيرة النبوية العطرة ، والأيام المحمدية الخالدة ، فهي النبع الصافى و المنهل العذب الذى يرده كل مسلم فيغترف من فيضه وينهل من معينه فيتعلم ويعمل كما كان النبى يعمل ، يقتدى به ويتأسى بهديه ويستن بسنته حتى يستحق أن يكون من أمته وممن يشربون من حوضه
ولما رأيت كثيرا من أبنائنا لا يعرفون شيئا عن رسول الله أحببت أن أتشرف بكتابة هذه النبذة المختصرة عن رسول الله قصدت بها فتح الطريق أمام ناشئة المسلمين وشبيبتهم لقراءة أعمق للسيرة النبوية الخالدة ليتعرفوا على النبى وعلى جوانب عظمته فى شخصيته وأخلاقه وعباداته ومعاملاته و حياته .

نسبه
هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
هذا هو المتفق عليه في نسبه واتفقوا أيضاً أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام ، وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة وكلاب الجد الخامس لرسول الله من أبيه .
طهارة نسبه
مما لا شك فيه أن نبينا هو خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وأفضل خلق الله أجمعين لذلك فقد صان الله تبارك وتعالى نسبه المبارك من أدران الجاهلية فلم يقع أب من آبائه فى الزنا فطهره الله فولد من نكاح صحيح ولم يولد من سفاح فعن واثلة بن الأسقع أن النبي قال :{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى مِنْوَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بَنِى كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ بَنِى كِنَانَةَ قُرَيْشاًوَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِى هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِى مِنْ بَنِى هَاشِمٍ}" مسلم " ، وحينما سأل هرقل أبا سفيان عن نسب رسول الله قال: {هو فينا ذو نسب فقال هرقل : كذلك الرسلتبعث في أنساب قومها}" البخاري".

أسماؤه
للنبى أسماء كثيرة إذ كثرة الأسماء تدل على عظم المسمى، ومَن أعظم مِن رسول الله ؟ وقد اجتهد بعض العلماء فى جمع أسماءه وقد ذكر له الفقيه الكبير أبو بكر بن العربى أربعة وستين اسماًَ ومن تلك الأسماء ما جاء عن جبير بن مطعم أن النبى قال: {إن لي أسماء أنا محمد،وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس علىقدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبى}"متفقعليه" وعن أبي موسى الأشعرى قال : كان رسول الله يسميلنا نفسه أسماء فقال: {أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة}"مسلم"

ولادته
ولد يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، قيل في الثاني منه، وقيل في الثامن،وقيل في العاشر، وقيل في الثاني عشر. قال ابن كثير: والصحيح أنه ولد عام الفيل
قال علماء السير : لما حَمَلَت به آمنة قالت : ما وجدت له ثقلا ، فلما ظهر خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب .
وفي حديث العرباض بن سارية قال: سمعت رسول الله يقول: {إنيعند الله خاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأولذلك، دعوة أبى إبراهيم، وبشارة عيسى بى، ورؤيا أمي التي رأت، [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]}" أحمد والطبراني والحاكم وصححه الألبانى " وتوفي أبوه وهو حمل في بطن أمه، وهو المشهور .

رضاعه
أرضعته أمه آمنه وهى أول من أرضعه وكذلك أرضعته السيدة ثويبة مولاة أبي لهب ك ، ثم استُرضع في بني سعد، فأرضعته السيدة حليمة السعدية ك ، وأقام عندها في بني سعد نحواً من سنتين وشهرين أو ثلاثة، وشُقَ صدره هناك، واستُخرج منه حظ الشيطان ثم غسل بماء زمزم ، فردته السيدة حليمة ك إلى أمه إثر ذلك خوفاً عليه أن يكون أصابه شىء، ثم مكث مع أمه زماناً تحنوا عليه وترعاه ثم خرجت به وهو ابن ست سنين لزيارة قبر والده فى يثرب ( المدينة المنورة ) ثم رجعت به فماتت وهى فى الطريق بالأبواء فاحتضنته جاريته الميمونة السيدة بركة ك وهو يقول لها {يا أم أيمن أنت أمى بعد أمى} ورجعت به إلى جده فاحتضنه ورعاه وكفله، ولما بلغ رسول الله من العمر ثماني سنين توفي جده، وأوصى به إلى عمه أبيطالب لِمَا رأى من شدة حُبه وحُب زوجته السيدة فاطمة بنت أسد ك له فكفله عمه، ورعاه أتم رعاية ، وأحبه أشد الحب ، ونصره وآزره حين بعثه الله أعز نصر وأتم مؤازرة ، مع أنه ظل على شركه إلى أن مات ، فجازاه الله بذلك أن خفف عنه العذاب كما جاء فى الحديث الصحيح عن العبـاس بن عبـدالمطلب أنه قـال للنّبيّ : ما أغنيت عن عمّـك فإنّه كان يحـوطك ويغضب لك؟ قـال:{هو في ضحضاح من نار، ولولاأنا لكان في الدّرك الأسفل من النّار}." البخاري ومسلم وأحمد "

صيانة الله تعالى له من دنس الجاهلية
صان الله سبحانه وتعالى نبيه وحماه وطهره من دنس الجاهلية ومن كل عيب ، ومنحه كل خُلق جميل ، حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين ، لما شاهدوه من طهارته وصدق حديثه وأمانته ، حتى أنه لما أرادت قريش تجديد بناء الكعبة وعمره خمس وثلاثين سنة،ووصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضعه مكانه كما وضعه إبراهيم الخليل وينال هذا الشرف وكادوا أن يقتتلوا هداهم الله إلى أن يحكموا أول من يدخل عليهم من باب بنى شيبة ، فكان رسول الله فقالوا : هذا الأمين رضيناه حكما ، فأمر بثوب ، فوضع عليه الحجر، وأمر سيد كل قبيلة أن يرفع جانباً من جوانب الثوب ، ثم أخذ الحجر فوضعه مكانه ، فتشرف الحجر بوضع المصطفى له فى موضعه الذى وضعه فيه الخليل .

زواجه
ذكر ابن الأثير إجمال القول فى زوجات النبى فقال تزوج النبى خمس عشرة امرأة ودخل بثلاث عشرة منهن وجمع بين إحدى عشرة وتوفى عن تسع منهن، تزوج السيدة خديجة بنت خويلد ك وله خمس وعشرون سنة، وعمرها أربعون سنة، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت، وهي أول من آمن به، فلما ماتت تزوج السيدة سودة بنت زمعة ك ، ثم تزوج السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق بوكان عمرها ست سنوات فلم يبن بها حتى هاجر وهاجرت أسرتها إلى المدينة المنورة فدخل بها وهى بنت تسع سنين، ولم يتزوج بكرا غيرها وكانت أحب نسائه إليه ، ثم تزوج السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب ب وقد طلقها فجاءه جبريل× فقال :{راجعها فإنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة}، فراجعها ، ثم تزوج السيدة أم سلمة واسمها هند بنت أبى أمية بن المغيرة المخزومية ك ، ثم تزوج السيدة زينب بنت خزيمة بن الحارث ( أم المساكين ) ك وماتت فى حياته ولم يمت فى حياته من زوجاته إلا هى والسيدة خديجة رضي الله عنهما،ثم تزوج السيدة زينب بنت جحش ك وقد زوجه بها ربه عز وجل وهى أول من توفى من نساء النبى بعد وفاته، ثم تزوج السيدة جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار الخزاعية ك ، ثم تزوج السيدة أم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس ك ، ثم تزوج السيدة صفية بنت حيي بن أخطب النضرية ك ، ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية ك وهى خالة سيدنا عبد الله بن عباس ب، ثم تزوج السيدة شراف بنت خليفة الكلبى ك وماتت قبل أن يدخل بها ، وكذلك امرأة من بنى كلاب ماتت قبل البناء بها، ثم تزوج الشنباء بنت عمرو الغفارية فلما مات ابنه إبراهيم قالت: لو كان نبياً ما مات ولده، فطلقها ، ثم تزوج عربة بنت جابر الكلابية فلما قدمت عليه استعاذت بالله منه ، ففارقها ، ثم تزوج العالية بنت ظبيان فبنى بها ثم فارقها لعلة كانت بها، هؤلاء هن الصحيح والمشهور من زوجاته ، أمّا من لم يدخل بهن ومن وهبت نفسها له ومن خطبها ولم يتفق تزويجها فثلاثون امرأة على اختلاف في بعضهن، وأمّا الإماء فقد كان له اثنتان هما مارية بنت شمعون القبطية ك، وريحانة بنت زيد القرظية كويقال إنه تزوجها، وقيل له أربع إماء .

أولاده
أولاد النبى سبعة وقيل ثمانية فالذكور هم : القاسم وعبدالله والطيب أوالطاهر وقيل هما اسمان لعبدالله أطلقا عليه لأنه ولد فى الإسلام، وإبراهيم عليهم السلام وكلهم ماتوا صغاراً، أما بناته فهن السيدة زينب ك وهي أكبر بناته ،تزوجها سيدنا أبو العاص بن الربيع ، والسيدة رقية ك تزوجها سيدنا عثمان بن عفان وبعد وفاتها تزوج أختها السيدة أم كلثوم ك لذا سمى ذا النورين، والسيدة فاطمة كتزوجها سيدنا علي بن أبي طالب ، قال النووي : فالبناتأربع بلا خلاف، والبنون ثلاثة على الصحيح وكل أولاده من السيدة خديجة ك ، إلا إبراهيم ، فإنه من مارية ك .

مَبعثه
بعد حياة طويلة كان فيها النبى القدوة الصالحة لكل من رآه أوسمع به فقد عُرِفَ بالأخلاق الحسنة والسجايا الطيبة والبعد عن كل ما يشين الإنسان أو يعيبه لذا أَحَبّه الجميع، فقد كانت حياته تمهيداً لبَعثته ورسالته، ولما اقتربت بعثته كان لا يمرُ بحجرٍ ولا شجرٍ إلا قال السلامُ عليكَ يا رسولَ الله، وحَبب اللهُ عز وجل إليه الخلوة فكان يتعبد فى غار حراءٍ الليالى ذوات العدد بعيداً عن مكةَ وما فيها من شركٍ وباطلٍ ثم يرجع إلى أهله فيتزود بالطعام والشراب ويعود إليه مرةً أخرى ولما بلغ أربعين سنة، نزل عليه جبريلُ × بغار حراء،كما جاء فى الصحيحين عن أم المؤمنينعائشةَ ك أنها قالت : }أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك، فقال اقرأ، قال «ما أنا بقارئ» قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال اقرأ قلت «ما أنا بقارئ» فأخذني فغطني الثانية، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال « اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ » فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد ك، فقال «زملوني، زملوني» فزملوه، حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة كوأخبرها الخبر «لقد خشيت على نفسي» فقالت خديجة ككلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة كحتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة، وكان امرأً قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله خبر ما رأى فقال له ورقة هذا الناموس الذي نَزَّلَ الله على موسى، يا ليتني فيها جَذَعًا، ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله «أَوَ مُخرجيَّ هم؟ » قال نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي}، فمكث رسول الله ما شاء الله أن يمكث لا يرى شيئا ، فاغتم لذلك واشتاق إلى نزول الوحي ، ثم تبدى له الملك جالس على كرسي بين السماء والأرض على صورته الحقيقية ، وثبته ، وبشره بأنه رسول الله حقا ، فلما رآه رسول الله فـزع من هيئته وعظيم خلقته فرجع إلى بيته مسرعاًً وقال : زملونيزملوني فأنزل الله تعالى :{يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}المدثر:1- 5.
ثم حمي الوحي وتتابع فشمر رسول الله عن ساق التكليف ، وقام في طاعة الله أتم قيام ، يدعو إلى الله تعالى الكبيروالصغير، والحر والعبد ، والرجال والنساء ، والأسود والأحمر، فاستجاب له عباد الله من كل قبيلة ممن أراد الله تعالى فوزهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة ، فدخلوا في الإسلام على نور وبصيرة ، فأخذهم سفهاء مكة بالأذى والعقوبة ، وصان الله رسوله وحماه بعمه أبي طالب ، فقد كان شريفا مطاعا فيهم ، نبيلا بينهم ، لا يتجرؤن على إيذاء رسول الله لما يعلمون من محبة عمه له, وبقي ثلاث سنين يدعُوا الناسَ سراً ، حتى نزل عليه قول الله تعالى :{فاصدع بما تؤمر} ( الحجر94 ) فأعلن الدعوة , فلما نزل قوله تعالى: {وأنذر عشيرتكالأقربين}الشعراء:214، خرج رسول الله حتى صعد جبل الصفا فهتف{يا صباحاه! }فقالوا : من هذا الذي يهتف ؟ قالوا: محمد! فاجتمعوا إليه فقال: {أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تخرجبسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي ؟ قالوا ما جربنا عليك كذبا , قال : فإني نذير لكم بين يديعذاب شديد} فقال أبو لهب : تبا لك ، أما جمعتنا إلا لهذا ؟ ثم قام ، فنزل قوله تعالى: {تبت يدا أبي لهب وتب}إلى آخر السورة متفق عليه.

صبره على الأذى

ولقي الشدائد من قومه وهو صابر محتسب ،وأذن لأصحابه أن يخرجوا إلى أرض الحبشة فراراً من الظلم والإضطهاد فخرج نحوا من ثمانين رجلاًً استطاعوا الفرار من قبضة المشركين ، قال ابن إسحاق : فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله من الأذى ما لم تطمع فيه حياته ، وانصب العذاب على النبى ومن بقى من أصحابه ففي الصحيحين : عن عبد الله بن عمر أنه كان يصلي فأخذ عقبة بن أبي معيط عليه لعنة الله سلا جزور] أمعاء جمل[ فألقاه على ظهره الشريف وهوساجدفظل ساجداً ،حتى جاءت السيدة فاطمةك فألقته عن ظهره وهى تبكى وتدعوا عليهم ، قال عبد الله : فما رأيت رسول الله دعا عليهم إلاّ يومئذ فقال : اللّهمّ عليك الملأ من قريش ، اللّهمّ عليك أبا جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وعقبة بن أبي معيط ، وأميّة بن خلف ، قال عبد الله : فقد رأيتهم قتلوا يوم بدر وألقوا في القليب ، غير أنّ أميّة كان رجلاً بادناً ، فتقطع قبل أن يبلغ به البئر، وليس ذلك فحسب بل حاولوا قتله أكثر من مرة ففي صحيح البخاري أن عقبة بن أبي معيط أخذ بمنكبه يوماً ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقا شديداً ، حتى جاء أبو بكر فدفعه عنه وهو يقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ؟ ، وحاول الملعون أبو جهل قتله بحجر وهو يصلى فمنعه الله ﻷ،وتطاول على رسول الله الصغير والكبير فكان الغلمان والعبيد والسفهاء يلقون عليه التراب ويرمونه بالحجارة ولقد وصف بعض ما حدث له بقوله :{لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ، وأُخفت في الله وما يخاف أحد ، ولقد أتت عليّ ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولبلال ما يأكله ذو كبد ، إلا ما يواري إبط بلال}. أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ولما لم تفلح قريش فى قتل النبى ورأت دفاع عمه عنه وحمايتة بنوهاشم له قاطعتهم ثلاث سنين حتى نفد زادهم ولم يجدوا شيئاً حتى أكلوا الميتة وورق الشجر فبعث الله على صحيفتهم الأَرَضَة ، فلحست ما كان فيها من عهد وميثاق ،ثم ما لبث عمه أن هلك وماتت زوجته السيدة خديجة كوهما الحاميان له بعد الله والمدافعان عنه بعد ربه فاشتد الأذى عليه وضاقت عليه مكة فخرج إلى الطائف لعله يجد فيها من يتبعه ويؤويه حتى يبلغ رسالة ربه ، فلما وصل دعا قبائل ثقيف إلى الإسلام ، فلم يجد منهم إلا العناد والسخرية والأذى ، وسلطوا عليه غلمانهم وسفهائهم فظلوا يرمونه بالحجارة مسافة خمسة كيلومترات حتى أدموا قدماه الشريفتين ، ولك أن تتخيل إذا كانوا قد أدموا قدماه فما بالك برأسه وباقى جسمه وهم يضربوه بالحجارة يريدون قتله لا يبالون أين تقع الحجارة فى رأسه أو فى أى موضع من جسمه ، وظلوا كذلك حتى لجأ إلى بستان لعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، فرجعوا عنه ، فقرر الرجوع إلى مكة .

رحمته بقومه
وفى طريقه إلى مكة تحدث معه حادثة عظيمة تدل على عظيم رحمته وشفقته حتى بالمشركين قال : {انطلقت – يعني من الطائف – وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا سحابة قد أظلتني ، فنظرت فإذا فيهاجبريل عليه السلام، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردوا به عليك ، وقدأرسل لك ملك الجبال لتأمره بما شئت ، فناداني ملك الجبال فقال قد بعثني إليك ربكلتأمرني بما شئت ، فإن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين– جبلان يحيطان بمكة – فعلت فقال رسول الله : بل أرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا}متفق عليه ، ومن مظاهر رحمته ما جاء فى قصة الطفيل بن عمرو الدوسى فيما رواه الإمام أحمد والبخارى عن أبى هريرة قال : لما قدم الطفيل وأصحابه على رسول الله قال: إن دوساً قد استعصت وأبت فادع الله عليهم ، فاستقبل رسول الله القبلة ، ورفع يديه ! فقال الناس : هلكوا ، فقال :{اللهم اهد دوساً وائت بهم ،اللهم اهد دوساً وائت بهم}، ومن أعظم مظاهر الرحمة يوم أحد ، وما أدراك ما يوم أحد ؟ يوم كاد أن يقتل فيه رسول الله شُج وجهه وكُسرت رَباعِيَته (من أسنانه) ، ودخلت حلقتا المغفر (خوذة الرأس) فى وجنتيه الشريفتين، ودمى جسمه ، وأُصِيب إصابات بالغة ، وفوق ذلك قُتل عمه وأخوه من الرضاعة حمزة بن عبد المطلب ، ومُثِّل به فبُقرت بطنه ، وأُخرجت أمعاءه ، ومُضغت كبده ، وجُدِعت أنفه ، وقطعت أُذنه ،وكذلك قُتل سبعون من أصحابهش ، ومُثِّل بالكثيرين منهم ، فقال له بعض الصحابة : ادع عليهم يا رسول الله ، فماذا يفعل من حدث له مثل ذلك ؟ الإجابة هى : قمة الإنتقام ، لكن مع الرحمة المهداة قمة الرحمة ، يرفع يديه إلى السماء لا ليدعوا عليهم ولكن ليدعوا لهم {اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون}، ونختم الكلام فى رحمته بمشهد عظيم يوم فتح مكة حيث العزة والقوة والتمكين وأكثر من عشرة آلاف مقاتل دخل بهم النبى مكة بعدما خرج منها ضعيفاً طريداً متخفياً هو وصاحبه فقط ، وقد وقع أهل مكة فى قبضته بعد أن آذوه وضربوه وطردوه وحاربوه وقتّلوا أصحابه ، يقول لهم فى عزة ورحمة : {اذهبوا فأنتم الطلقاء}ويعفوا عنهم ويسامحهم كأن لم يكن شىء ، وصدق اللهُ تعالى حيثُ قال مُلخِصاً رسالته : {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.

هجرته إلى المدينة
كان رسول الله يخرج في كل موسم من مواسم الحج فيعرض نفسه على القبائل ويقول: {من يؤويني؟ من ينصرني؟ فإن قريشاًقد منعوني أن أُبلِّغ كلام ربي}،فرفض كثير من الناس والقبائل دعوته ، ثم لما أراد اللهُ الخيرَ لأهل المدينة لقي رسولُ الله عند العقبة ستة نفر من أهل المدينة فدعاهم فأسلموا ، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا قومَهم ، حتى فشا فيهم الإسلام ، ثم رجعوا إلى النبى وبايعوه بيعتَى العقبةِ الأولى ثُم الثانية سراً ، ولما تم الأمر لرسول الله وبايعه الأنصار على منعه وحمايته بعد الهجرة إلى المدينة أمر أصحابه بالخروج ، فخرجوا أرسالا ، فكان أول من هاجر أبو سلمة بن عبد الأسد ، ثم تتابع المهاجرون فلم يبقى بمكة إلا ضعيف أو مفتون غير رسول الله وأبى بكر وعلى بن أبى طالب ب مكثا بمكة لأمر رسول الله لهما بذلك ، ثم اجتمع المشركون أذن الله لنبيه بالهجرة فخرج رسول الله هو وأبو بكر إلى المدينة فتوجه إلى غار ثور، فأقاما فيهثلاثا، وعني أمرهم على قريش، ثم دخل المدينة فتلقاه أهلها بالرحب والسعة، فبنى فيها مسجده ومنزله.

غزواته
عن ابن عباس قال: لما خرج رسول الله من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون، ليهلكن، فأنزل الله عز وجل: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا}[الحج:39]. وهي أول آية نزلت في القتال. وغزا رسول الله سبعا وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع: بدر، وأحد، والريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف، وبعث ستا وخمسين سرية.

حج النبي واعتماره
لم يحج النبي بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع. فالأولى عمرة الحديبية التي صده المشركون عنها.
والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرته مع حجته.

صفته
كان رسول الله ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون - أي أبيض بياضا مشربا بحمرة - أشعر، أدعج العينين –أي شديد سوادهما – أجرد –أي لا يغطي الشعر صدره وبطنه -، ذو مسربه – أي له شعر يكون في وسط الصدر والبطن.

أخلاقه
كان أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعا، وأكرمهم عشرة، قال تعالى: {إنك لعلىخلق عظيم}القلم:4]. وكان أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعا، وكان أشد حياء من العذراء في خدرها، يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، وكان يأكل ما وجد، ولا يدخر ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضره، وكان لا يأكل متكئا ولا على خوان، وكان يمر به الهلال ثم الهلال ثم الهلال، وما يوقد في أبياته نار، وكان يجالس الفقراء والمساكين ويعود المرضى ويمشي في الجنائز.
وكان يمزح ولا يقول إلا حقا، ويضحك من غير قهقهة، وكان في مهنة أهله، وقال: {خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي}الترمذي وصححه الألباني]، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله، ألا فعلت كذا!!.
وما زال يلطف بالخلق ويريهم المعجزات، فانشق له القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وحن إليه الجذع، وشكا إليه الجمل، وأخبر بالغيوب فكانت كما قال.

فضله
عن جابر بن عبدالله أن النبي قال: {أعطيت خمسالم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجلمن أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكانالنبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس كافة}متفق عليه].
وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي أنه قال: {أنا أول الناس يشفع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، وأنا أول منيقرع باب الجنة}وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي أنه قال: {أنا سيد ولد آدم يوم القيامة،وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع}

عبادته ومعيشته
قالت عائشة رضي الله عنها: {كان رسول الله يقوم حتى تتفطر قدماه، فقيل له في ذلك، فقال: أفلاأكون عبدا شكورا}[متفق عليه]
وقالت: وكان مضجعه الذي ينام عليه في الليل من أدم محشوا ليفا!!
وفي حديث ابن عمر قال : لقد رأيت رسول الله يظل اليوم يلتوي ما يجد دقلا يملأ بطنه – والدقل ردئ التمر -!! ما ضره من الدنيا ما فات وهو سيد الأحياء والأموات، فالحمد لله الذي جعلنا من أمته، ووفقنا الله لطاعته، وحشرنا على كتابه وسنته آمين، آمين.

من أهم الأحداث
الإسراء والمعراج: وكان قبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة.
السنة الأولى: الهجرة - بناء المسجد - الإنطلاق نحو تأسيس الدولة - فرض الزكاة.
السنة الثانية: غزوة بدر الكبرى وفيها أعز الله المؤمنين ونصرهم على عدوهم.
السنة الثالثة: غزوة أحد وفيها حدثت الهزيمة بسبب مخالفة تعليمات النبي ونظر الجنود إلى الغنائم.
السنة الرابعة: غزوة بني النضير وفيها أجلى رسول الله يهود بني النضير عن المدينة لأنهم نقضوا العهد بينهم وبين المسلمين.
السنة الخامسة: غزوة بني المصطلق وغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة.
السنة السادسة: صلح الحديبية، وفي هذه السنة حرمت الخمر تحريما قاطعا.
السنة السابعة: غزوة خيبر، وفي هذه السنة دخل رسول الله والمسلمون مكة واعتمروا، وفيها أيضا تزوج رسول الله صفية بنت حيي.
السنة الثامنة: غزوة مؤتة بين المسلمين والروم، وفتح مكة وغزوة حنين ضد قبائل هوازن وثقيف.
السنة التاسعة: غزوة تبوك وهي آخر غزواته ، وفي هذه السنة قدمت الوفود على رسول الله ودخل الناس في دين الله أفواجا، وسمي هذا العام عام الوفود.
السنة العاشرة: حجة الوداع، و حج فيها مع النبي أكثر من مائة ألف مسلم.
السنة الحادية عشرة: وفاة رسول الله وكان ذلك في يوم الاثنين من شهرربيع الأول مع إختلاف في تحديد هذا اليوم من الشهر. وتوفي وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون سنة قبل النبوة، وثلاث وعشرون سنة نبيا رسولا، منها ثلاث عشرة سنة في مكة، وعشر سنين بالمدينة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

يسلمو على الطرح الرائع

تسلمي حبيبتي علي هذا المجهود الرائع

من اجل رفع منتدانا

وشكرا علي موضوعك المميز

فعلا موضوع رائع

واصلي حبيبتي تألقك

والي الامام دائما

بالتوفيق لكي

تقبلي مروري

ويعطيكي الف عافيه خيتو
تسلمين يااعسل
ماننحرم من جديدك

» السيره الذاتيه لمكله الاحساس اليسا